إلى الذي أحبنا أكثر من نفسه: إلى اللقاء


اليوم فقت على ابشع شعور بالكون..

قبل ما فتح عيوني بثواني سمعت صوت.. 

ناس عم يحكو..

"عل ١٠… ح يحكي عل ١٠.."

بدو يقلنا شو صار بالحرب (قلت لحالي) 

.

فزيت من التخت متل الصاروخ و نطيت عل تليقون لشوف قديه صارت الساعة..

بس اتطلعت و لقيتها ٩.. بنفس اللحظة عرفت انو..


السيد راح..

ما ح يحكي…

كلو وهم..

كلو حلم

 
كان اصعب شعور بالدنيا.. متل كأنو عمرك ٦ سنين و إمك قالتلك اذا ضبيتي القوضة فيكي تحطي ماكياج و آخر شي يطلع انو نحنا ما عنا مكياج أصلاً..

 

ما كنت بعرف إنه الواحد ممكن يكون يتيم وأهله بعدهم عايشين…

بس اليوم، كل أحرار العالم، وبالأخص بلبنان، صاروا أيتام. رحيل السيد خلانا بلا أب، بلا حامي. الدنيا فجأة “همدت”، تقيلة أكتر بغيابه، هو اللي مش بس كان حامل وطن، كان حامل قلوب وآمال شعبه


يمكن تسألوا: شو سر هالعلاقة المغناطيسية بين السيد وشعبه؟ قضيت اليوم عم بسأل حالي هالسؤال. دايمًا كنا عارفين إنّا منحترمه، معجبين بتضحياته، ومؤمنين برسالته. بس هلّق، بعد رحيله، عم نفهم قديش حبيناه. والأهم، قديش هو كان يحبنا. حبه ما كان بس بالكلام والخطب – كان حب ترجمه بالأفعال، بالتضحيات، والإخلاص اللي ما بيتزعزع


يمكن عشان هيك الفراغ اللي تاركه بيوجع لهل الدرجة. لأنّا كلنا منعرف بقرارة نفسنا إنه ما حدا رح يحبنا مثل ما كنت تحبنا، يا سيد. 

مثل الأب اللي ما بيحسب الكلفة لأنّو الحماية والقيادة والتربية جزء من روحه

 


أنا خلقت بالـ1987، ورسالتك كانت مبلشة قبلها بكتير، وبس صار عمري خمس سنين، صوتك وحضورك صاروا جزء من كل بيت. كنت دايمًا معنا يا ابو هادي، دايمًا موجود، حتى لما ما كنا منتبهين. مرات كنت شوفك معلق بصورة ع حيطان البيوت و مرات باافتات بالشوارع.. و اغلب المرات عل شاشات.. بس هلّق بعد ما رحت، عرفت انك ممسمر بقلوبنا يا غالي


يا سيد... عم تساءل، شو صار لما ملائكة الموت إجو يحضنوا روحك الطاهرة؟ شافوا النور اللي كان يشع من وجهك؟ حسوا بحرارة قلبك، القلب اللي كان يحمل حب رهيب لكل الناس؟ 

هلق عرفت شو سر تعلقنا فيك.. لإنو بنشوفهن كنا بالنور يلي بوجهك.. بنشوف شيء من نور محمد و آل محمد يلي نحنا بحاجة لإلهم يهل الوقت القاسي و الصعب..


يا حبيبي، يا سيد... أنت كنت تحب الضاحية الجنوبية لبيروت، وهي كانت تحبك كمان. خلقت واستشهدت فيها، وحتى بآخر لحظاتك، كنت متمسك بهيدا الحي اللي كان نبض شبابك. رفضت تترك نفسك تودع الحياة إلا بشوارعه وبين ناسه. هيدا مش بس دليل على حبك لوطنك، بس كمان دليل على طهارة روحك. أعطيت حياتك للأرض ولشعبها، وهي رجعت احتضنتك بآخر لحظاتك.


بس يا سيد، ليه كان لازم تتحمل كل هالألم؟ ضحيت بإبنك الكبير شه/يد لأجل البلد. عشت طول حياتك تحت الحماية وبعيد عن عيلتك. شفت أصحابك وأحبابك عم يرحلوا واحد ورا التاني. خسرت أمك قبل ما نخسرك بشهور قليلة. تحملت كتير، بس ولا مرة اهتزيت، لأنك كنت عارف: إنّا لله وإنّا إليه راجعون


يا سيد، علمتنا إنو الحياة لازم تستمر، وإنو لازم نكون أقوى من قبل، وإنو الرسالة ما بتوقف عند شخص واحد. بس يا الله شو تقيلة، شو وحيدة هالطريق من دونك. غيابك عم نحسه بكل زاوية من حياتنا، بالشوارع اللي كنت تمشي فيها، بقلوب الناس اللي لمستها بكلامك وأفعالك.


دايمًا عم نسأل حالنا: أيمتى رح ترجع تبتسملنا من الشاشة؟ أيمتى رح نرجع نحلل كل إشارة، كل كلمة؟ أيمتى رح نرجع نضحك على نكتك ونحولها لشعارات؟ أيمتى رح نشوف غمازاتك ونسمع لدغتك ونشوف إيديك و ندعيلك كيف ما فتلت و توجهت؟؟

هلق صار وقت انت دعيلنا


مش غريب، يا سيد، كيف جمعت أفضل صفات كل اللي علمونا؟ حملت حكمة السيد فضل الله، اللي كان مرشدك الروحي، وقوة الإمام موسى الصدر، من مدرسته تخرجت، وحب الإمام الحسين، اللي ذكراه كنت دايمًا تحملها بقلبك. هالحب هو اللي شكل حياتك كلها، ووجه كل قرار اتخذته، وكل فعل قمت فيه.


يا سيد العشق… يمكن الناس تستغرب لما نسميك هيك، بس هيدا هو الواقع. علمتنا شو يعني الحب الحقيقي. الحب الحقيقي هو حب الوطن قبل أي شي. الحب الحقيقي هو التمسك بالقيم والمبادئ مهما كان الثمن. الحب الحقيقي هو الدموع اللي كنت تذرفها على الحسين، حتى لما العالم كله كان يشوف فيك القائد، الزعيم.


يا سيد، يا شه/يد...

اليوم أهل السما فرحانين، بس نحن على الأرض حزينين. فقدنا وجودك الجسدي، بس بشكل ما، حاسين فيك بكل زاوية من حياتنا. حاسين فيك بالهوا، بالأرض اللي حبيتها، بقلوب الناس اللي لمستها. ذكراك مش بس جزء من التاريخ، هي قوة حية ونابضة رح تضل توجّهنا لأجيال وأجيال.


سامحنا يا سيد، لأننا دايمًا بنحب الناس أكتر بعد ما يرحلوا. وهالمرة، الألم جداً صعب تحمله...


الله يجعل مثواك الجنة اللي كنت دايمًا تتمناها، يجمعك مع هادي و مع سيد الشهداء و الاولياء الابرار


إذا نحن مشتاقينلك هلّق، ما بقدر أتخيل قديش هو كان مشتاقلك كل هالسنين. لقائكم بيعزينا و فراقكم مر علينا، 


ارتاح يا سيد، وكون متأكد إن حبك وإرثك رح يضلوا يوجّهونا، حتى بأحلك الأوقات. رسالتك ما خلصت، لأنك تركت وراك جيل من الناس اللي حاملين شعلتك، واللي رح يكملوا الطريق اللي رسمته إلنا. وبرغم إنو الطريق طويل، والرحلة صعبة، ما رح ننسى الدروس اللي علمتنا إياها، والحب اللي عطيتنا ياه، والإرث اللي تركته وراك.


بأمان الله... يا شه/يد الله.

“لن نقول وداعاً، بل نقول إلى اللقاء”

.

 


Leave a comment


Please note, comments must be approved before they are published